اقتصاد وبورصة

«الديون الثقيلة».. أكبر تهديدات الاقتصاد العالمي في 2024

لا تزال نسبة الدين العام حول العالم إلى الناتج المحلي الإجمالي في ارتفاع ومن المتوقع أن تصل إلى ذروتها عند أقل من 100%، وأصبحت نسب الديون المرتفعة والمتزايدة ظاهرة عالمية، ومن المتوقع أن تؤرق العالم بصورة أكبر بحلول 2024، مع زيادة خدمة الديون والارتفاع المتوقع في سعر الدولار، حسبما أوردته شبكة “سي إن بي سي” الإخبارية.

الأزمة المالية العالمية

بعد الأزمة المالية العالمية 2009/2011، ارتفعت نسب الدين بشكل كبير. وكان هناك جدل كبير حول مدى أهمية خفض هذه النسب مرة أخرى من خلال زيادة الضرائب وخفض الإنفاق.

وفي هذا الصدد، قامت الحكومات ببناء استراتيجيتها بأكملها حول هذه الضرورة. وقد نجحت – لبعض الوقت وانخفضت نسبة الدين من حوالي 80% إلى ما يزيد قليلاً عن 70% قبل أن يؤدي الإنفاق المفرط خلال الوباء إلى ارتفاعها مرة أخرى.

سبب زيادة الديون حول العالم

كان لهذه السياسة بعض الأسس القوية ففي عام 2011، نشر الخبيران الاقتصاديان كارمن راينهارت وكينيث روجوف كتابا شعبيا بعنوان “هذه المرة مختلفة”، والذي زعما فيه أن نسب الديون المرتفعة على النقيض من اللامبالاة الأكاديمية والسوقية السابقة تشكل خطورة بالغة عندما تتجاوز مستوى معين.

واستند ذلك إلى الرأي القائل بأنها أدت إلى أزمات مالية وانخفاض معدلات النمو الاقتصادي. وقدر المؤلفون المستوى الحرج عند 90% من الناتج المحلي الإجمالي للدول.

وكان هذا يبدو دائما غريبا بعض الشيء خاصة وأن معدلات الدين في اليابان وإيطاليا كانت مرتفعة لفترة طويلة، وكذلك الحال بالنسبة للمملكة المتحدة تاريخيا لكن الخبيران اعتبرا الأمر ناقوس خطر هام، وأن عدم تأثر بلد بذلك لا يعني أنه لن يصيب الدول الأخرى. ولم يمر وقت طويل بعد ذلك حتى شهد خبراء آخرون بتلك النتيجة.

فائدة أقل من الصفر

لكن تبين أن حسابات راينهارت و روجوف كانت مبنية على بعض الأخطاء الإحصائية والأهم من ذلك، في الممارسة العملية، بدت الأسواق وكأنها تستحوذ على كميات هائلة من الديون الحكومية بأسعار فائدة تقترب من الصفر، بل وفي بعض الحالات أقل من ذلك.

وسرعان ما تم دعم هذا العامل العملي بالصرامة الأكاديمية. وزعم بعض الاقتصاديين البارزين أنه أياً كان مستوى الدين العام الذي كان آمناً من قبل، فقد أصبح المعيار الآن أعلى كثيراً لأننا الآن في عصر حيث أسعار الفائدة الحقيقية أقل كثيراً.

تغير منذ العام الماضي

ولكن على مدار العام الماضي، شهد الموقف من الدين العام تغيراً آخر وكان الارتفاع الأخير في أسعار الفائدة هو المحرك الرئيسي للتغير ما جعل الكثير من البلدان في خطر كبير. وكانت النتيجة هي أن الأسواق عادت الآن إلى القلق الجدي بشأن ما إذا كانت مستويات الدين العام المرتفعة حالياً بشكل مستدام، كما تعكس عائدات السندات هذا القلق.

وقال محللون لصحيفة التليجراف، أنه من المؤكد أنه لا يوجد مستوى سحري لنسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي لكن ما يهم هو العلاقة بين معدل النمو وسعر الفائدة.

حل معضلة الدين

فإذا كان معدل النمو الاقتصادي أعلى من سعر الفائدة وإذا كانت الميزانية الأولية متوازنة فسوف تنخفض نسبة الدين، وهذا يعني أن أي بلد يمكنه إدارة عجز أولي في الميزانية بشكل مستدام والحفاظ على استقرار نسبة الدين. ويعتمد ذلك المدى على الدرجة التي يتجاوز بها معدل نموها الاقتصادي سعر الفائدة الذي يجب أن تقترض به.

متى تهدد الديون الدول بالإفلاس؟

تسوء شروط هذه العلاقة كلما ارتفع المستوى الأولي لنسبة الدين. ومع ذلك، فإن التحرك الأخير نحو ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية وعائدات السندات لا يشكل بالضرورة مشكلة بالنسبة لاستدامة الدين العام إذا كانت هذه المعدلات المرتفعة تتوافق مع زيادات في معدل النمو الاقتصادي المستدام، ويمكن أن تتهدد الدول بالإفلاس إذا ما وصلت إلى تجفيف كل منابع تسديد الديون، واستنفدت كل مواردها المالية، خاصة تلك التي تدر احتياطات أجنبية لها.

دول معرضة لمخاطر أكبر

ولكن هناك بعض البلدان التي يتعين عليها أن تدفع مستوى أعلى من أسعار الفائدة العالمية، وربما علاوة لتعكس المخاطر المحددة التي تواجهها، حتى برغم أن معدل نموها لم يرتفع.

وتعد إيطاليا مثالا رائدا في هذا الصدد حيث لم تسجل أي نمو يذكر منذ عام 2006 وعلاوة على ذلك فليس هناك احتمال كبير لنمو أعلى في المستقبل.

وتختلف البلدان أيضًا في جانب آخر بالغ الأهمية، فإذا اقترضت الحكومة أموالاً بالعملة التي تصدرها، فإن خطر التخلف عن السداد بالنسبة لحاملي سنداتها ضئيل للغاية. وعندما يحين وقت الجد، فإن مثل هذه البلدان قادرة دائما على إقناع بنوكها المركزية بشراء ديونها، وبالتالي سداد الفوائد وسداد الديون فعليا بأموال أصدرتها هي بنفسها.

الديون الأمريكية

ومن بين الدول التي تندرج ضمن هذه الفئة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا مع العلم أن هذا لا يعني أن حاملي مثل هذه السندات لا يواجهون أي خطر على الإطلاق.

ورغم أن التخلف الصريح عن السداد أمر مستبعد إلى حد كبير، فإن مثل هذه البلدان قد تظل منغمسة في التخلف الضمني عن طريق السماح بارتفاع التضخم.

وفيما يتعلق بعامل العملة، تتعرض إيطاليا مرة أخرى للخطر. ولا يقتصر الأمر على أن نسبة ديونها التي تبلغ 142% من الناتج المحلي الإجمالي، ولكنها لا تقترض بالعملة التي تصدرها. وبدلا من ذلك، فهي ملزمة بالاقتراض باليورو، الذي يصدره البنك المركزي الأوروبي.

والنتيجة النهائية لكل هذا هي أن العديد من الحكومات مقيدة بشدة بموقفها المالي وسوف تشعر بأنها مضطرة إلى اتباع سياسات صارمة في الميزانية خلال 2024، في محاولة للحفاظ على ارتفاع إجمالي الديون ببطء أو الانخفاض قليلاً عنه إذا أمكن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى