أسلوب الحياة

زواج الأقارب يبلغ 90% في بعض المحافظات

زواج الأقارب سمة سائدة بين العائلات والأسر في المملكة يراها كثيرون جزءًا أصيلًا من العادات، لكن يغفلون الجانب السلبي لهذه العادة، وهو انتشار الأمراض الوراثية، والذي وصل لنسب مرتفعة في المملكة.

“اليوم” حاورت المتحدث الرسمي للجمعية السعودية للطب الوراثي واستشاري طب الأطفال والطب الوراثي أد. زهير عبدالله رهبيني، والذي أكد أن هناك 17 مرضًا وراثيًا من أمراض التمثيل الغذائي والأكثر شيوعًا في المملكة يتم الكشف عليها لجميع المواليد الجدد من خلال البرنامج الوطني وإلى نص الحوار ..

بداية حدثنا عن الأمراض الوراثية والإجراءات الوقائية للحد منها؟

تشخيص وعلاج الأمراض الوراثية صعب ومكلف، لذلك كانت الإجراءات الوقائية مهمة للحد من احتمالية الإصابة بالمرض الوراثي، منوهًا إلى أهمية الكشف الطبي على أفراد العائلة التي تعاني من مرض وراثي معين والاستفادة منها في فحص ما قبل الزواج مستقبلاً.

وأشير إلى ما بادرت به وزارة الصحة نحو مواجهة الأمراض الوراثية كبرامج وطنية من استحداث فحص ما قبل الزواج لمرضى الأنيميا المنجلية وأنيميا البحر الأبيض المتوسط في العام 2004، تلاه برنامج الفحص المبكر للمواليد والذي بدأ عام 2005 والذي يكشف اليوم عن 17 مرضاً وراثياً.

زواج الأقارب

كم تبلغ نسبة زواج الأقارب بالمملكة.. وماهي العوامل المهمة للتقليل منها؟

الدراسات العلمية أثبتت أن نسبة زواج الأقارب في المملكة تقارب 60% وتصل إلى 90 % في بعض المحافظات وهي نسبة تعتبر عالية جدًا، وقريبة من النسبة المسجلة في عدة دول خليجية وعربية مثل السودان واليمن.

وتصل إلى نسبة 90% في بعض المحافظات والقرى السعودية، مما يؤكد أن التوعية الصحية الاجتماعية للأمراض الوراثية لا زالت غير مؤثرة في التقليل من هذه الظاهرة والتي تعد السبب الرئيسي لهذه الأمراض التي تكلف كثيرًا الأسر والدولة من ناحية الإنفاق والعلاج.

وأكد أنه لا يوجد فارق كبير في نسبة زواج الأقارب في المحافظات الصغيرة والقرى خلال الأعوام الماضية، وهذا دليل واضح على رسوخ مفاهيم العادات والتقاليد أكثر من القضايا الصحية الخطيرة الهامة لهذه الظاهرة وعدم الالتفات للخطورة المترتبة في انتقال الأمراض الوراثية مستقبلًا.

ماذا عن الفحص ما قبل الزواج منذ صدور مرسوم ملكي بذلك؟

منذ بداية صدور المرسوم الملكي عام 2004 بضرورة الفحص الطبي ما قبل الزواج فيما يخص مرض الأنيميا المنجلية، وأنيميا البحر المتوسط كان هناك 90% من الأشخاص المقبلين على الزواج يعلمون بحملهم لأحد هذين المرضين، ورغم ذلك أقدموا على الزواج.

وخلال الأعوام القريبة الماضية أوضحت الإحصائيات أن نسبة من يعلمون أنهم حاملين للمشاكل الموروثة وأقدموا على الزواج انخفضت إلى أقل من 40% ولابد من جهود أكثر حتى تقارب الصفر.

الفحص ماقبل الزواج يحد من انتشار الامراض الوراثية

الأمراض الوراثية الشائعة

ما هي أكثر الأمراض شيوعاً في الأمراض الوراثية بالمملكة؟

الأمراض الوراثية المتنحية مثل أمراض التمثيل الغذائي من أكثر الأمراض الوراثية شيوعًا في المملكة على الرغم من اختلاف نسبة انتشار هذه الأمراض من منطقة لأخرى، فمثلا تكثر في المنطقة الشمالية أمراض أيض المواد الدهنية وفي المنطقة الجنوبية تكثر أمراض حموضة الدم، وفي المنطقة الشرقية وجيزان تكثر نسبة أمراض الدم الوراثية مثل ”الأنيميا المنجلية“.

17 مرضا وراثيا شائعا في المملكة

كيف ترى التوعية بالأمراض الوراثية في المملكة؟

أشير إلى أهمية الموضوع فيما يخص الجهات التعليمية واهمية طرحه في مناهج تعلمية وتثقفية تستهدف الطلاب والطالبات لتحذيرهم من مخاطر الزواج من الأقارب وما ينتج عن ذلك من أمراض وراثية محدودة العلاج أو لا علاج لها وعادة ما تكون مكلفة بشكل كبير للفرد والدولة. ومن هنا يتضح اهمية دور وزارة التعليم في ادراج دروساً تعليمية ضمن إحدى المواد الدراسية، مشيراً إلى أن ذلك يعتبر نقلة في التوعية بأهمية الأمراض الوراثية ويعتبر إجراءاً وقائياً يوفر الكثير من الوقت والجهد.

وأيضا أحذر من انتشار الأمراض الوراثية في المملكة في ظل التهاون في الإجراءات الوقائية من قبل المجتمع، رغم ما قدمته حكومتنا الرشيدة من جهود ملموسة في رفع مستوى الوعي للمواطن فيما يخص هذه الأمراض. موضحاً أن الإجراءات الوقائية تقلل من احتمالية الإصابة بالمرض الوراثي، ومنوها بأهمية الكشف الطبي على جميع أفراد العائلة لمرض العائلة والذي يحد من الأمراض الوراثية مستقبلاً واشدد على رفع مستوى الوعي الصحي الوراثي لدى المجتمع من خلال تكاتف الجهات التعليمية والهيئات العلمية والمهنية داخل وخارج المملكة، مشيراً إلى أن الجمعية السعودية للطب الوراثي تشجع التعاون والإسهام في حركة التقدم العلمي والمهني في مجالات الطب الوراثي.

كيف ترى مدى قناعة المجتمع بنتائج الفحص الطبي للزواج؟

هناك ضرورة إلى وقفة اجتماعية جادة نحو الإيمان بنتائج الفحص الطبي للزواج، وذلك لأن عدم توافق نتيجة الفحص الطبي قبل الزواج هو مؤشر طبي لأن يكون سببًا في إنجاب أطفال مصابين بأمراض الدم الوراثية.

ونطالب بإجراءات أكثر صرامة في سبيل منع إتمام الزواج غير المتوافق طبيًا، وذلك من خلال أخصائي الوراثة والشريعة لوضع نظام يلزم الأسر ومأذوني الأنكحة بإتباع إرشادات الطب الوراثي وتجنب خطورة الإقدام على إتمام مراسم الزواج في حال كشفت التحاليل خطورة ذلك، وضرورة التخطيط المبكر للحمل بالنسبة للمتزوجين والذين عندهم سجل مرضي لأحد الأمراض الوراثية، حيث يمكن تشخيص الأمراض الوراثية أثناء الحمل في الأسبوع العاشر أو السادس عشر في العائلة التي تعاني من مرض وراثي معين.

وتمثل نتيجة الفحص إن ثبت إصابة الجنين بمرض وراثي لا يُرجى برؤه إثباتًا لإجهاض الجنين قبل نفخ الروح فيه اعتماداً على فتوى هيئة كبار العلماء والضوابط الشرعية ومنها موافقة الوالدين وثلاث أطباء موثوقين علمًا ودينًا.

د. زهير رهبيني خلال حديثه لـ اليوم

كيف نضمن توثيق الاحصاءات الدقيقة للأمراض الوراثية؟

أطالب بإنشاء ”سجل وطني“ للأمراض الوراثية على غرار ”السجل الوطني للأورام“؛ كما أن إنشاء مثل هذا السجل سوف يوثق الإحصاءات الدقيقة، والتي على أساسها تبنى الاستراتيجيات الوطنية الواضحة، وبالتالي دقة المعايير المستخدمة في فحوصات الأمراض الوراثية وعدم الهدر المالي، مؤكدًا أن الحاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى لمركز وطني تخصصي كبير مجهز بالكامل بالكفاءات الوطنية المؤهلة والتجهيزات الطبية والعلاجية المتقدمة لتشخيص وعلاج هذه الأمراض من جميع النواحي التأهيلية والعلاج النفسي والسلوكي والتخاطبي وأن تكون أهلية العلاج في هذا المركز متاحة لجميع الحالات من شتى أنحاء المملكة.

د. زهير رهبيني

البحث العلمي والدراسة

علمياً وعملياً كيف ترى التخصص الطب الوراثي بالمملكة؟

أشجع الأجيال الطبية الشابة على التخصص في مجال الطب الوراثي لمستجدات هذا العلم المتطورة وحاجة الوطن لمثل هذا التخصص سواء من أطباء أو مرشدين وراثيين أو أخصائي تغذية لأمراض التمثيل الغذائي أو باحثين في هذا المجال، وكذلك الحرص على زيادة عدد الأكاديميين في الجامعات لتدريس هذا العلم المتسارع والمتداخل مع العلوم الطبية الأخرى.

أؤكد على دور الجمعيات العلمية والتعاون فيما بينها وبين مراكز الأبحاث والتي تثري النقاش العلمي والبحثي مستقبلاً وفتح المجال بين الأطباء والباحثين الشباب، وكذلك زيادة المراجع الطبية المتخصصة في الطب الوراثي لتشمل الوقاية بعد الزواج والفحص أثناء الحمل وتقنية طفل الأنابيب والتي تعرف بفحص ما قبل الغرس لتشخيص الأمراض الجينية واستبعاد الأجنة المصابة وزراعة الأجنة السليمة داخل رحم الأم ومتابعة الحمل إلى نهايته.

بالإضافة إلى الفحص الوقائي أثناء الحمل من خلال أخذ عينة من المشيمة في الأسبوع العاشر، أو عينة في الأسبوع الخامس عشر من الحمل من الخلايا الموجودة في السائل الأمينوسي وهو سائل الحياة الذي يسبح فيه الجنين طول فترة الحمل في الرحم ودراسة الطفرة الوراثية للجنين.

مشروع الجينيوم كيف يساهم في الحد من الامراض الوراثية؟

تعمل السعودية منذ 2013 على بناء قاعدة بيانات وراثية وجينية للمجتمع عبر إطلاق مشروع ”الجينوم السعودي“ للحد من الأمراض الوراثية. وخلال الفترة الماضية، نجح برنامج الجينوم السعودي في توثيق 3 آلاف متغير جيني مسبب لأكثر من 1230 مرضا وراثيا نادرا في المجتمع السعودي، وتبلغ تكلفة علاج الأمراض الوراثية في السعودية ميزانية مرتفعة، لذا كان من الضروري البحث عن حل جذري للكشف المبكر عنها، والحد من تفاقمها اعتمادا على قواعد البيانات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى