أسلوب الحياة

كيف يمكن للأفراد المساهمة في خفض النفايات وتحقيق الاستدامة؟

سكاي نيوز عربية

تتصاعد التحذيرات من الآثار المُدمرة لتغير المناخ والتدهور البيئي الناتج عن الاقتصاد التقليدي الذي يعتمد على استهلاك الموارد وتصنيعها لتتحول إلى مواد استهلاكية ومنتجات نهايتها تكون “صناديق النفايات”.

وبموازاة ذلك، ترتفع الأصوات التي تنادي بضرورة تغيير نظام استنزاف الموارد إلى الاستهلاك المستدام عبر استخدام المنتجات المادية والطاقة، بطريقة تحد من الآثار الضارة على البيئة، وتضمن تحقيق احتياجات الأفراد.

ويعد المحرك الرئيسي لنمو النفايات هو الزيادة في عدد سكان العالم، الذين بدورهم يولدونها بشكل مستمر، والتي بدورها تُكبد الاقتصاد العالمي خسائر تُقدر ببلايين الدولارات كل عام، بحسب أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة في رسالة سابقة بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على النفايات والهدر، في مارس الماضي.

وفي هذا السياق، يمكن للأفراد المساهمة بشكل كبير في تقليل النفايات وتحقيق الاستدامة من خلال اتباع مجموعة من الإجراءات وتغييرات السلوكيات اليومية، يشرحها مختصون في تصريحات متفرقة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” ذكروا أن بعضاً من هذه الإجراءات تمثل “كنوزاً اقتصادية” يُمكن استغلالها.. فكيف ذلك؟

كنز اقتصادي

في البداية، أوضح الخبير البيئي، تحسين شعلة، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن إدارة النفايات لها مردود اقتصادي هائل، لافتاً إلى أن المكاسب المالية من تجميعها قبل التخلص منها وإدارتها لتتحول إلى سلعة ذات قيمة اقتصادية تصل إلى 100 بالمئة.

وأضاف أنه على سبيل المثال يمكن أن توفر المنظومة الاقتصادية ميزانيات تتعلق باستيراد بعض السلع من الخارج، عن طريق إعادة استخدام النفايات وتدويرها لتصنع منها خامات جديدة.

وحتى يقلل الأفراد من النفايات نصح الخبير البيئي، بضرورة استخدام البلاستيك الصديق للبيئة، وهو مُصنع من قشور ثمرة البطاطس أو الموز، فبمجرد إلقائه على التربة يصبح مادة غذائية تضيف لها على العكس المخلفات البلاستيكية التي تؤدي إلى كوارث بيئية على المدى البعيد، وهو دور يُمكن للأفراد المشاركة من خلاله بشكل مباشر في جهود حماية البيئة، وتحقيق عوائد اقتصادية هائلة جراء التدوير.

وأضاف أن بقايا الطعام لها قيمة كبيرة أيضاً؛ فبمجرد تجميعها ومعالجتها بطريقة معينة عبر تعرضها إلى درجات حرارة عالية تُحلل ويعاد استخدامها كسماد للبيئة، بحيث تكون صالحة لاستخدامها كمواد مُغذية للتُربة مرة أخرى.

وأكد الخبير البيئي أن كل البقايا الناتجة من استخدام الأفراد ويتم تجميعها من المنازل تعد كنزاً اقتصادياً يعاد استخدامه بحيث لا يؤثر على البيئة، ما يكون له مردود إيجابي، مشدداً على ضرورة أن تقوم الأجهزة المعنية في كل دولة بجمع القمامة وتصنيفها وتوجيهها لجهات تصنيع ومن ثم إعادة تصنيعها، وبالتالي يدرك كل فرد قيمة مخلفاته اقتصادياً. يتم ذلك بمساعدة الأفراد وجهودهم المذكورة.

وفقاً للأمم المتحدة، فإن البشرية تنتج أكثر من ملياري طن من النفايات الصلبة المحلية سنوياً، ولا يُدار منها سوى 45 بالمئة. وتشير تقديرات المنظمة إلى أنه من المتوقع أن يزيد هذا الرقم إلى ما يقرب من 4 مليارات طن بحلول العام 2050.

تؤثر هذه النفايات بشكل غير متناسب على الفقراء، حيث يفتقر ما يصل إلى 4 مليار شخص إلى مرافق التخلص من النفايات الخاضعة للرقابة.

يُفقد أو يُهدر ما يقرب من 931 مليون طن من الطعام، ويدخل ما يصل إلى 14 مليون طن من النفايات البلاستيكية إلى النظم الإيكولوجية المائية.

إدارة منظومة المخلفات

من جانبه، فإن أستاذ اقتصاديات البيئة بالقاهرة، الدكتور علاء سرحان، يشير لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن التنمية المستدامة لا تتحقق ما لم يتم إدارة منظومة المخلفات، بدءاً من الأفراد، موضحاً أن المخلفات تعد ثروة قومية لدى أية دولة تستدعي التعامل معها اقتصادياً عبر اتخاذ إجراءات لإدارة تلك المنظومة ما يحمي المجتمع ككل والاقتصاد الوطني من خسائر كبيرة تتكبدها الدول والمجتمعات.

تغير المناخ وارتفاع الأسعار يعيدان الزخم للملابس المستعملة

وأضاف أن كثيراً من الأفراد ليس لديهم دراية بما توفره مخلفاتهم من مواد خام يتم استخراجها عقب إعادة تشغيلها ليعاد استخدامها من جديد، وهو ما يسمى بـ”الاقتصاد الدائري”، لافتاً إلى أنها تستخدم كموارد اقتصادية مثل إنتاج الرصاص والزنك والروديوم والنحاس على سبيل المثال.

وشدد على ضرورة التعامل مع المخلفات من منظور اقتصادي، عبر تحويل تحدي التخلص منها إلى فرصة اقتصادية للاستثمار وتوفير فرص عمل، إضافة إلى حماية المجتمع من أضرار المخلفات التي لا يتعامل معها غالبية الأفراد بطريقة صحيحة.

خطوات للتقليل من النفايات المنزلية

ورصد أستاذ اقتصاديات البيئة، بعض الخطوات التي يتعين على الأفراد اتخاذها للحد من حجم النفايات التي تتولد منهم وتقليصها، إضافة إلى وقف الهدر والاستهلاك المفرط، بما يؤدي إلى توفير المال، ومنها:

التقليل من الاستهلاك: الأساس في عملية تخفيض النفايات والمخلفات هو التقليل بقدر الإمكان من شراء السلع بهدف إشباع الرغبة.

وقف استعمال الأكياس والعبوات البلاستيكية، خاصة أحادية الاستخدام، فهي كارثة على الأرض، لذا على الأفراد وقف استعمالها واستبدالها بأكياس من القماش متعددة الاستعمال؛ ذلك بهدف وقاية الكوكب من عواقب استخدام البلاستيك والمواد غير العضوية، والتي تتحلل بعد عشرات السنوات.

فرز المخلفات: يمكن تقسيم النفايات إلى ثلاث أنواع رئيسية في المنزل، وهي نفايات عضوية كبقايا الطعام وغير عضوية كالبلاستيك وأخرى للنفايات المختلفة، وهو مهم لأن المخلفات العضوية من الممكن تحويلها إلى سماد عضوي ومواد محفزة لنمو النباتات وزراعتها في المنازل، فبدلاً من التخلص منها يمكن استخدامها بطريقة مفيدة، وبالنسبة للمخلفات الإلكترونية فبعض الجمعيات تتلقاها بهدف إعادة تدويرها.

إدارة المخلفات الخطرة: من يتوفر لديه مخلفات تندرج تحت المخلفات الخطرة كالأدوية، فإن إلقائها في القمامة يمثل خطورة على الوسط الذي تدار المنظومة من خلاله، لذا لابد من وجود بعض الوعي والمعرفة لإدارة تلك المخلفات الخطرة.

وأشار أستاذ اقتصاديات البيئة بالقاهرة، الدكتور علاء سرحان، إلى أنه على كل دولة دور بتحفيز المستهلكين من الناحية الاقتصادية على اختيار بدائل وسلع ليس لها تأثير سيء على البيئة والتغيرات المناخية، من خلال تشريعات تمنع استخدام الأكياس البلاستيك على سبيل المثال، أو تقديم حافز إيجابي أو سلبي لاستخدامه.

خطوات أساسية

ومن الأمور الأخرى التي يُمكن للأفراد الاعتماد عليها للمساهمة في تقليل النفايات وتحقيق الاستدامة، بما لذلك من عوائد اقتصادية واسعة، ما يلي:

التوعية بالتغذية المنضبطة: وذلك من خلال تقليل هدر الطعام عبر التخطيط للوجبات، وتخزين الأطعمة بشكل صحيح، والبحث عن طرق لاستغلال بقايا الطعام في وصفات أخرى.

استخدام الطاقة بشكل فعّال: إغلاق الأجهزة الكهربائية عند عدم استخدامها، واستبدل مصابيح LED الأكثر كفاءة من حيث استهلاك الطاقة بالمصابيح التقليدية.. إلخ.

التنقل المستدام: استخدم وسائل النقل العام، الدراجات، أو مشاركة رحلات السيارات مع الآخرين لتقليل الانبعاثات الكربونية، وغير ذلك.

التوعية والمشاركة: من خلال مشاركة المعلومات والنصائح حول الاستدامة مع الأصدقاء والعائلة والمجتمع. قد تلهمهم لاتخاذ خطوات إيجابية أيضاً.

التبرع بالأغراض القديمة: بدلاً من التخلص من الأشياء القديمة بطريقة غير مستدامة، يمكن التبرع بها للجمعيات الخيرية أو بيعها في الأسواق الثانوية.

ترشيد الاستهلاك

ومن جانبه، أشار المستشار الدولي في التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر، الدكتور حسين أباظة، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إلى أن وعي الأفراد يشكل أهمية كبيرة في الوصول إلى التنمية المستدامة؛ لأن هدر الموارد واستهلاكها بشكل مفرط يسبب فقدانها، وخاصة الطاقة والمياه.

باكستان تؤكد ثقتها الكاملة في رئاسة الإمارات لـ”كوب 28″

وأوضح أن 60 بالمئة من المخلفات المنزلية هي مخلفات عضوية، والنسبة المتبقية هي عبارة عن مخلفات متنوعة بين البلاستيك وعلب المشروبات الغازية المعدنية والزجاج والورق، مؤكداً أن كل ما يخرج من المنازل من بقايا استخدام الأفراد يعاد تصنيعها مرة أخرى واستخدامها.

وأشار إلى أن الاستدامة تتم بداية من أنماط الاستهلاك للأفراد، خاصة وأن في المجتمعات العربية بشكل خاص ثقافة الشراء تتسم بالعشوائية وتعتمد على التبذير، وهو نمط غير مستدام، موضحاً أن ترشيد الاستهلاك سيؤدي إلى تقليل المتبقيات، فضلًا عن المنع التدريجي لاستخدام البلاستيك والزجاج والورق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى