أسلوب الحياة

خيرى شلبى.. “الحكاء المسكون بالشعر” كتب الرواية على وزن القصيدة

“كنت أكتب قصيدة كاملة لأعبر عما بداخلى، ولكنى وجدت أن الأبنودى يمكنه التعبير عن نفس الشيء فى شطر واحد فيصلنى نفس الإحساس” هكذا قال الأديب الكبير خيري شلبي ليصف لماذا لم يكتب الشعر، رغم علاقته العميقة به، ورغم اتصاله الكبير بكبار الشعراء، ورغم اعتباره أحد أهم نقاده وتوليه رئاسة تحرير مجلة الشعر، لكنه بطبيعة الحال لم يكتب الشعر، وفى كل الأحوال لا نمتلك قصيدة واحدة له منشورة.


 


ربما الذي لا يعرفه البعض عن شيخ الحكائين أنه بدأ كشاعرا غنائيا، يكتب العامية وكان مشتركا فى فرقة تحيى الأفراح بمدينة الإسكندرية، وكان يكتب لها مئات الأغانى، لكنه للأسف لم يحتفظ بنسخة من هذه الأشعار، هكذا وعلى طريقة كبار الشعراء والمطربين الشعبيين، بدأ خيري شلبي شاعرا، لكنه رحلته رغم ذلك تعثرت لا لسببا إلا أنه قرر الاتجاه نحو السرد، ويتحول إلى كتابة الرواية، بعدما وجد الأبنودي يكتب ما يحب أن يكتبه كما ذكرنا سلفا، حتى أن الأبنودى كان دائما ما يستعين بشلبى ليقرأ له أى قصيدة يشرع فى كتابتها فكان يفاجئ الأول أن شلبى يقول له الشطر الثانى من بيت القصيدة فورما ينتهى من قراءة الشطر الأول عليه، وهذا ما دفع الأبنودى لقول لو كان هناك شخص يمكنه كتابة قصائدى لكان خيرى شلبى.


 


وفى الرواية كانت له جولات، وضع نفسه في مكانة بين كبار كتابها، فلا نكاد نتذكر أسماء مثل نجيب محفوظ أو يحيى حقي أو يوسف إدريس إلا وذكرنا معاهم خيري شلبي، “محفوظ” نفسه حين سئل لماذا لم يكتب في مرة عن القرية، كانت إجابته واضحة وصريحة وسريعة في آن، “كيف اكتب عن القرية وهناك خيري شلبي”.


 


تأثر شلبى بالشعر ظل معه حتى بعدما اتجه لكتابة الرواية، وربما هذا ما أشار إليه الناقد جابر عصفور فى أحد لقاءاته عندما قال إن إحدى روايات خيرى شلبى “السنيورة”، كانت موزونة على بحر شعرى دون قصد وهذا دليل أنه لم يستطع التخلص من حبه للشعر.


 


ارتبط عم خيري كما كان يحلو للجميع أن يناديه، بعلاقة وثيقة بالشعر منذ بداية رحلته في عالم الإبداع؛ خصوصاً بعد تعرفه الشخصي على الشاعر الكبير الراحل فؤاد حداد، وقد تنوعت كتابات خيري شلبي الشعرية آنذاك بين كونها بالعربية الفصحى، وبين كونها بالعامية الدارجة، وبعد تكرار محاولاته الشعرية، قرر الاتجاه إلى عالم أكثر رحابة على حد تعبيره هو كتابة القصة ثم الرواية، على أنه احتفظ بقصائد كثيرة من قصائد تلك المرحلة المبكرة من حياته، بل وضمّن هذه القصائد في قصص وروايات له فيما بعد وبدون أي تغيير في صياغتها، ومن الأمثلة على ذلك بعض قصص مجموعة “السنيورة”، ومنها: موال الزمن القديم، أنشودة الكورس الحزين، أغنية للقمر الغائب، عندما يورق الموت، وغيرها.


 


مكانة خيري شلبي لم تتوقف عنده الكتابات الأولى أو علاقته بالخال أو بحداد، بل وصلت إلى توليه رئاسة تحرير مجلة الشعر هي المجلة المصرية الوحيدة المتخصصة في فن العربية الأول (الشعر)، ويمتد توزيعها إلى سائر الأقطار العربية، وتنشر قصائد ودراسات نقدية وأكاديمية لمبدعين وكتّاب من أجيال مختلفة، وذلك عام 1990، وظل فيها لنحو 15 عاما، قبل أن يستقيل من منصبه بهدف إتاحة الفرصة للوجوه الجديدة للإشراف على مجلة الشعر، وتولت المجلة في تلك السنوات التي ظل فيها “خيرى” على مقعد رئيس التحرير، تقدم عدد كبير من الشعراء المصريين والعرب ممن صاروا بعد ذلك في صدارة المشهد الشعري المصري والعربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى